من قصص العرب - قصة حذاء الطنبوري

أغسطس 15, 2019

من قصص العرب - - قصة حذاء الطنبوري




يروى أنه كان هناك رجل من سكان مدينة بغداد قديما يقال له ابو القاسم الطنبوري وكان هذا الرجل ثريا ولكن بالرغم من ثرائه فإنه كان لديه حذاء لا يقوم بتغييره أبدا وكلما كان يحدث فيه قطع كان يقوم بترقيعه وظل على هذا الحال لمدة سبع سنين حتى صار حذاءه معروفا ومميزا بل ويضرب به المثل من ثقل وزنه وبشاعة منظره . . .
وذات يوم دخل ابو القاسم الطنبوري سوق بغداد فقابله سمسار في سوق الزجاج وأخبره عن تاجر زجاج من حلب يريد أن يبيع ما لديه من زجاج مذهب قد كسد وأنه سيبيعه له بعد مده ليكسب به الضعف ، فذهب الطنبوري واشتراه بستين دينارا .
ودخل الطنبوري سوق العطارين فصادفه سمسار آخر وأخبره عن تاجر قدم من نصيبين ومعه ماء ورد وهو متعجل على السفر فيمكن أن يبيعه بسعر رخيص ثم يبيعه له السمسار بعد ذلك بسعر مربح ، فذهب الطنبوري أيضا ليشتري ماء الورد بستين دينار أخرى وملأ به الزجاج المذهب وذهب به إلى بيته ووضعه على رف من الرفوف في صدر البيت .
ثم ذهب أبو القاسم الطنبوري إلى حمام عمومي ليغتسل فقال له أحد أصدقائه الذي قابله في الحمام : يا أبا القاسم أشتهي أن تغير مداسك هذا ، فإنه في غاية الشناعة !
فقال له الطنبوري : الحق معك ، فالسمع والطاعة .
ثم خرج الطنبوري من الحمام فرأى مداسا جديدا بجوار مداسه فظن أن صديقه من كرمه اشتراه له ليغير حذاءه ، فلبسه ومضى به إلى بيته وترك حذاءه في الحمام ، ولسوء حظه فقد كان هذا الحذاء الجديد حذاء القاضي ، وحينما خرج القاضي لم يجد حذاءه ووجد بدلا منه حذاء أبي القاسم الطنبوري وكان حذاءه معروفا للناس أنه حذاء الطنبوري ، فحينما سأل القاضي عن صاحب الحذاء فأخبره من رآه أنه حذاء أبي القاسم الطنبوري ، فأمر أن يفتش منزله فوجدوا فيه حذاء القاضي ، فأحضره القاضي وضربه تأديبا له ، وحبسه مدة ، وغرمه بعض المال ثم أطلقه .
وحينما خرج الطنبوري من الحبس أخذ حذاءه وهو غاضب عليه فألقاه في نهر دجلة ، وذات يوم كان أحد الصيادين يصطاد في دجلة فخرج حذاء الطنبوري في شبكته ، فظن أنه سقط منه في النهر فأخذه ومضى به إلى بيت الطنبوري ، ونادى عليه فلم يجده في البيت وكانت النافذة مفتوحه فرمى منها الحذاء الى داخل البيت فسقط على الرف الذي عليه آنية الزجاج المذهب المملوءة بماء الورد فسقط على الأرض فتكسر كله وتبدد ماء الورد وحينما عاد أبو القاسم ورأى المنظر عرف الأمر ولطم وجهه ، وصاح يبكي ويقول : وافقراه أفقرني هذا المداس الملعون !
ثم إنه قام في الليل ليحفر له حفرة ويدفنه فيها ويرتاح منه ، فظن الجيران أنه ينقب عليهم فرفعوا الأمر إلى القاضي فلم يتركه حتى غرمه بعض المال !
فخرج وهو غاضب من مداسه فألقاه في كنيف الخان فسد قصبته حتى فاض وضجر الناس من الرئحة الكريهة وحينما قاموا بتسليكه وجدوا حذاء الطنبوري فشكوه إلى القاضي ، فحبسه القاضي مدة وغرمه بعض المال !
وحينما خرج الطنبوري قال ليس لي مهرب من هذا المداس وقام بتنظيفه لكي يعود إلى ارتدائه من جديد ووضعه على سطح بيته ليجف ، فوجده كلب كان يمشي على أسطح البوت فأخذه بفمه ، وسقط منه في بيت جار من جيران الطنبوري فجرح رأسه جرحا بليغا لأنه كان حذاء ثقيلا ، فشكاه إلى القاضي ، فألزمه بالعوض والقيام بلوازم المجروح مدة مرضه ، فنفد عند ذلك كل ما كان معه ولم يبق معه شيء !!  
ثم إن أبا القاسم ذهب إلى القاضي بعد ذلك وأخذ معه المداس وطلب من القاضي أن يكتب بينه وبين الحذاء مبارأة شرعية على أن الحذاء ليس له ولا يؤاخذ بما يفعله مهما حدث منه ، وحكى للقاضي جميع ما حدث ، فضحك القاضي ووصله ومضى !
مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ ايام العرب 2019 ©